موضوع: لعلك لا تدري السبب الذي قد يكون سبب رزقك..!! الأحد يوليو 23, 2017 1:17 pm
يقول كاتب المقال:
أثناء إكساء شقتي؛ منذ عقد ونيف من الزمن؛ احتجت إلى حمالَين لنقل سيارة رمل ملقى في الشارع إلى شقتي في الطابق الأول.. ولم أستطع البتة أن أجد ولا حمالًا واحدًا يحقق لي طلبي في ذلك اليوم..! فاتصلت بأحد أصدقائي وكان ذو صلة مباشرة مع العمال أصحاب المهن المعمارية فأسعفني واستجاب لطلبي بصعوبة..! وأرسل لي حمالَين لينقلا الرمل إلى الشقة.. كان الرجلان قد تجاوزا الستين من العمر.. الأول رجل طويل ضخم مفتول العضلات مفعم بالصحة.. والثاني رجل قصير نحيل ضعيف البنية مقوس الظهر..! قلت لصاحبي ـ وأنا في أشد حالات الغرابة والاستفهام ـ: هل بمقدور هؤلاء إنجاز هكذا عمل..؟!! قال صاحبي: نعم وبسرعة تفوق تصوراتك..! قلت ـ على غير قناعة ـ: كما تريد.. وجهزت لهم متطلباتهم؛ وتركتهم وذهبت..! وبعد مضي ساعات قليلة ذهبت إلى الشقة لأتأكد إن حصلت معجزة واستطاع هذا الثنائي الغريب إنجاز شيئأ ما..! وكم تفاجأت عند وصولي اليهم أنهما قطعا الشوط الاكبر من عملهما..! وقفت أنظر إلى طريقتهم في إنجاز العمل.. الرجل العليل كان يفتح أكياس الرمل ويجهزها فقط ولا عمل آخر له سوى ذلك..!! والرجل القوي يملأ الأكياس ويحملها على كتفه ويطلع بها إلى الشقة لوحده..! عمل غير عادل من حيث توزيع المهام والأدوار والجهد..! أحببت أن أكافئهما بشيئ من البوظة و ( الكازوز ) وطلبت من العامل القوي أن يذهب معي ليساعدني ولأستفهم منه على انفراد ولا أحرجه امام ذلك العامل العليل..! وسألته هل هذا الرجل العليل يعمل أجيراً مياوِماً لديك أي باجرة يومية..؟! قال: لا.. إنه شريكي مناصفة..!! تعجبت من ذلك قلت له ولكن هذا ليس عدلًا.. فأنت من تقوم بكامل العمل تقريبا فلِمَ ذلك..؟! قال لي: نعم.. أعلم ذلك وأعرفه جيدًا.. ولكن رزقي كله متعلق بهذا الرجل العليل.. وهو شريكي مناصفة من سنوات عديدة.. وسأريحك وأخبرك السر في مشاركتي له..! لقد كنت يومًا بحاجة صانع صغير ولم اجد.. حين جاء إلي هذا العليل يطلب أن يعمل صانِعاً معي فوافقت على عمله.. واستحييت من نفسي أن أعطيه أجر ولد صغير آخر النهار خصوصاً أن لديه أسرة يرعاها.. فأعطيته الثلث من كامل أجرة الحمولة.. وبقيت على هذه الحال بضع سنين إلى أن عرفت زوجتي بقصتنا.. فاستهجنت الأمر وعارضت بشدة.. وطلبت أن اطرده نهائياً.. ولا أقبله حتى بأجر صانع صغير..! فامتثلت لأوامرها وطردته وتخلصت منه..! وفي اليوم الثاني ذهبت كالعادة إلى مركز العمال الحمّالين لأجد عملاً.. ولكن لم يطلبني أحد ورجعت بيتي.. ولم أعمل في ذلك اليوم.. وعاودت الكَرَّة في اليوم الذي يليه ولكن دون جدوى.. وتوقف عملي قرابة ثلاثة اشهر..! جلست خلالها أفكِّر لماذا لم يطلبني أحد للعمل وأنا الرجل القوي الشديد الذي ينجِز وحده مايقوم به بضعة رجال..؟!! فاستخرت ربي بصلاة ركعتين.. وأحسست بعد الاستخارة أن السبب كان هو طرد هذا الرجل العليل الذي قطعت رزقه بناءً على نصيحة زوجتي الخاطئة..! وسرعان ما ذهبت الى بيت ذلك العليل ثانيةً.. وأخبرته أن يجهز نفسه للعمل في اليوم التالي.. وأقسم لك يا أستاذ أننا في اليوم التالي عندما ذهبنا الى مركز الحمالين كنا أول من تم طلبهما للعمل.. ولم ينقطع عملي يومًا واحدًا بعد ذلك..! ثم شاركته مناصفةً فزادت أجوري.. وزادت البركة في جميع شؤون حياتي.. ومنذ ذلك اليوم وهو شريكي ورفيقي في العمل..!!