وقال لموسى وهارون( إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى )طه،
ان الناظر إلي حال المؤمن اليوم يجد ان الرجل المسلم،يكد في حياة من الصباح الي صلاة العشاء،وبالكاد ان يجد ما يسد رمق أسرته والذي يجده لا يكفي متطلبات الأسرة والتزاماتها الضرورية،وأما الكافر وهو منعم في حياته،وانه عايش في ترف يجد كل ما يطلبه امام يديه، وان هذا المقارنه التي هي امام اعيننا تجعلنا نسأل انفسنا لماذا، الم يقل الله عز وجل(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)طه،نحن في عيشة لا تطاق وهم في نعيم،هذا قدر الله علي عباده، ان هنالك عباده،تدور حولها العبادات،وهي الصبر، كل العبادات تكون بالصبر،من الجهاد الي الصدقة،والصبر هو أعظم العبادات قال تعالي(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)محمد، ونجد ان الصابرين في معية الله، وفي كم اية قال تعالى،ان الله مع الصابرين، (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)البقرة،وبشر الصابرين بماذا بالجنة،
وان الله قادر علي ان يوسع علي عبادة،ونجد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم،والصحابة كانوا في ضيق حتي انهم كانوا يجوعون جوعاً شديد وكانوا يصبرون،عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، بينما أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهما النبي صلى اللّه عليه وسلم ،فقال(ما اجلسكما ههنا،قالا،والذي بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع، قال،والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره)أخرجه مسلم، فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار، فاستقبلتهم المرأة،فقال لها النبي صلى اللّه عليه وسلم،أين فلان،فقالت،ذهب يستعذب لنا ماء، فجاء صاحبهم يحمل قربته، فقال،مرحباً ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم، فعلق قربته بكرب نخلة، وانطلق فجاءهم بعذق، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم(ألا كنت اجتنيت،فقال،أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم، ثم أخذ الشفرة، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم،إياك والحلوب، فذبح لهم يومئذ، فأكلوا فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم،لتسألن عن هذا يوم القيامة أخرجكم الجوع، فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا، فهذا من النعيم)أخرجه ابن جرير ورواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة،
قال أبو رافع، نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فبعثني إلى يهودي فقال لي، قل له إن رسول الله يقول لك بعني كذا وكذا من الدقيق وأسلفني إلى هلال رجب،فأتيته فقلت له ذلك فقال،والله لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن ،فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته،فقال،والله لئن باعني وأسلفني لقضيته وإني لأمين في السماء وأمين في الأرض ، اذهب بدرعي الحديد إليه،فنزلت هذه الآية ) (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى )طه، وقوله تعالى(ولا تمدن عيينك)يقول تعالى،لنبيه صلى الله عليه وسلم،لا تنظرنّ إلى الدنيا، وزينتها، وما متعنا به أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه فلا تغبطهم بما هم فيه، ان المسلم يكون في ضيق من العيش وكرب شديد، قال تعالي،لقد خلقنا الإنسان في كبد قال القرطبي،يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة،وعنه أيضاً،يكابد الشكر على السراء ويكابد الصبر على الضراء، وان هذا المسلم هو في ضيق من امره فانه سوف يسعد في الاخره لانه حرم من الشهوات ورد في الحديث الذي أخرجه أحمد والطبراني،والحاكم بإسناد صحيح(الدنيا سجن المؤمن وسنته فإذا فارق الدنيا فارق السجن والسنة) قال النووي رحمه الله،معناه أن المؤمن مسجون ممنوع في الدنيا من الشهوات المحرمة والمكروهة،مكلف بفعل الطاعات الشاقة ، فإذا مات استراح من هذا وانقلب إلى ما أعد الله تعالى له من النعيم الدائم والراحة الخالصة من النقصان، وأما الكافر فإنما له من ذلك ما حصل في الدنيا مع قلته وتكديره بالمنغصات،فإذا مات صار إلى العذاب الدائم وشقاء الأبد،
وقال المناوي،كالجنة للكافر في جنب ما أعد له في الآخرة من العقوبة والعذاب الأليم، وكالسجن للمؤمن في جنب ما أعد له في الآخرة من الثواب والنعيم المقيم،والإيمان بإحاطة الله عز وجل بكل شيء، وأنه مع علوه فهو مع خلقه، لا يغيب عنه شيء من أحوالهم،وأننا إذا علمنا ذلك وآمنا به،فإن ذلك يوجب لنا كمال مراقبته بالقيام بطاعته وترك معصيته،بحيث لا يفقدنا حيث أمرنا، ولا يجدنا حيث نهانا، وهذه ثمرة عظيمة لمن آمن بهذه المعية،
روى الأمام أحمد ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(ما عمل آدمي عملا قط أنجى له من عذاب الله ، من ذكر الله عز وجل،كما أن ذكر الله سبحانه يعد سبباً لنيل شرف معية الله سبحانه الخاصة ، بعد المعية العامة ، فالله جل ذكره مع مخلوقاته عموما بعلمه وإحاطته ، والمعية الخاصة هذه للمؤمنين الذاكرين الله كثيرا ، فهو معهم بحفظه لهم وهو معهم بتوفيقه لهم ، وهو معهم بتأييده ونصره لهم ، وهو معهم سبحانه بتمكينهم من العلوم النافعة ، وإمدادهم بالخيرات العاجلة والآجله ,
روى البخاري ومسلم في الحديث القدسي(أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني) فأعظم بها من معية ، لا تعادلها مزية،
اللهم اجعلنا ممن يكونوا فى معية الله وفى حمايته وفى رعايته،وأكرمنا بالتقوى و جمِّلنا بالعافية،وطهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة،ولا تجعل فينا ولا منا و لا معنا شقيا ولا محروماً.
دروس شهر رمضان 1436(28):أتحب أن تكون في معية الله؟!