admin Admin
عدد المساهمات : 9680 تاريخ التسجيل : 06/08/2009
| موضوع: دروس شهر رمضان 1436(17): أخى المسلم... طريقك لعدم الاكتئاب رغم مواجهة الصعاب السبت يوليو 04, 2015 11:22 am | |
| لقد أصاب الاكتئاب و الملل من الحياة كثيرا من الغربيين , و كيف لا يكتئبون و قد عاشوا واختاروا أن يعيشوا حياة نفعية خالصة , أكل و نوم و أحلام مؤقتة , و قد ينتهي عند الكثير منهم علي اختلاف أعمارهم وصول الاكتئاب عندهم إلي أعالي درجاته حتي ربما ألقوا بأنفسهم في دائرة الانتحار , وذلك أيضاَ أمر طبيعي ليس فيه أي عجب بالنسبة لهم , فلا دين رادع و لا عقيدة ثابتة و لا أصول يعودون إليها ورغم كل ما يتمتعون به من نعم الخالق التي تحوطهم ليلاَ و نهار , فعلي العكس ينسبون كل نعمة تعود إليهم إلي ذاتهم علي حد قولهم " ذلك نتيجة عملهم و جهدهم صاروا متنعمين ". أما المسلم فكيف يكتئب و قد منحه الله تعالي الكثير من النعم ؟! الفرق بين الطرفين أن كل نعمة لدي المؤمن يرجع منحها لله تعالي الخالق , فيختلف تمتع المسلم عن تمتع الكافر بها فنعمة البصر يتمتع بها المسلم لأنه يري مخلوقات الله في الكون و جمال الطبيعة والإحساس بوجود الله سبحانه , لكن الكافر يجد في البصر ما ينظر به إلي كل ما يريد سواء أكان جميلا أو قبيحا , شرا أو خيرا والمؤمن أمره كله له خير , حتى همومه وغمومه إن احتسبها , فتصير له خير , يقول النبي صلي الله عليه و سلم "عجباَ لأمر المؤمن إن امره كله خير و ليس ذاك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراَ له و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " . ليس ذلك فقط بل اعطي لنا ديننا العظيم مفتاح الخلاص من هذه المحن من طرائق اللجوء إليه ودعائه بأدعية وأذكار لها دورها الكبير بجانب الشعور بمعية الله تعالي و الثقة بأن لا منجي و لا ملجأ منه إلا إليه . فإبراهيم عليه السلام كان معلقا بين السماء و الأرض ووعالما ألا مفر من وقوعه في النار , لكنه في هذه اللحظة رفع بصره إلي السماء مردداَ " حسبي الله و نعم الوكيل " فكانت معية الله تعالي له بأمر النار أن تكون برداَ و سلاماَ علي إبراهيم , و يونس لما إلتقمه الحوت فناجي في الظلمات ربه " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " فكانت معية الله تعالي له و كشف عنه السوء أما هاجر المحبة لربها إذ أحسنت الظن به سبحانه حيث تركها زوجها إبراهيم في صحراء خاوية جدباء بلا زرع و لا ماء , وأيقنت أن ذلك أمر الله تعالي لزوجها فقالت وبين يديها وليدها الرضيع "إذن لن يضيعنا الله " فمن قصد الله في محنته بقلب خالص فلن يخذله ربه أبداَ , فاللجوء والتوكل علي الله تعالي و العودة إليه كاف بأن يخرج العبد من أزمته ومن كربه و همه والمؤمن في خاطره فكرة يعيش عليها , وهدف يسعى نحوه , تتعلق بإصلاح الحياة , وتقويم الناس , وبث الخير والهدى , فيسعي إليها , فيستغل الفراغ الذي عنده فلا يستطيع أن يطرق الشيطان بابه , فلا يجد أى خيط لدخول الملل و الاكتئاب لديه , و يبدل ذلك الفراغ بما يرضي الله تعالي و يحتسب كل عمل يقوم به لله . وفي أحيان كثيرة يصيب الاكتئاب الإنسان ضعيف النفس , لكن المسلم ليس بضعيف لأن إيمانه جعله من أقوى الأقوياء و بزيادة الإيمان يزيد ارتباط العبد بربه , و عندها تجد في قلبه القوة التي يستطيع أن يتغلب بها علي كل الصعاب , لذلك إذا شعر العبد بالاكتئاب ليس عليه إلا أن يعود إل ربه و يقوي إيمانه و يراجع حساباته . ويبحث عن كل ما باعد بينه و بين ربه , ويطرق الباب بالدعاء و المناجاة و صلاة الليل و الخلوة به سبحانه فسوف يجد في قلبه الراحة التي يبحث عنها بعد الضيق و السعادة بعد الحزن , بل قد يجد من ذلك حلول الأمور المعقدة ففي الحديث عن عائشة أن النبي صلي الله عليه و سلم قال " لا يغني حذر من قدر , و الدعاء ينفع مما نزل ومما لا ينزل , و إن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلي يوم القيامة " و كيف يحزن المسلم أو يكتئب و هو يعلم أن كل ما يصيبه من هم أو غم حتي الشوكة له عليها أجر , فعن النبي صلي الله عليه و سلم قال "ما يصيب المسلم من نصب و لا وصب و لا حزن و لا غم ولا أذي حتي الشوكة يشاكها إلا كفر الله تعالي بها خطاياه " . هكذا يجب أن يعيش المؤمن بتلك النفحات الربانية فتخرجه من دائرة الأحزان و الاكتئاب , فتغير احواله , إذ بالإسلام يعرف العبد ربه بأسمائه العليا و صدّق بها , فاستشعر رحمة ربه وعلمه وقيوميته وكشفه الضر وإجابة دعوته إذا هو دعاه . على جانب آخر علي المسلم أن يعلم أنه قد لا يدرك المرء كل أمانيه بل قد يحقق بعض امانيه التي بات يحلم بها , لكنه عليه بالرضا , لأن قدر الله تعالي حال بينه و بين تحقيقها , ذلك الرضا الذي يجعل القليل عنده كثيرا , بل يشبع الإنسان و يحجم نظره تجاه ما عند الغير , فيسعد قلبه دائماَ و لا يجد للاكتئاب و لا الأحزان بابا للدخول إليه . أيضاَ علمنا إسلامنا أنه لا يصح لمسلم أن يحمل في قلبه لأخيه ضيقا أو خصاما , ولا بد أن يدخل قلبه في دائرة العفو و التسامح لمن ظلمه , فإن ترويض القلب علي العفو باب لإعادة السعادة إليه , فكيف يكتئب و هو محب لكل الطيبين ! أيضاَ الحسنة تلو الحسنة تضع في القلب نورا يستوجب له السعادة , و السيئة تلو السيئة تجعل في القلب رانا يورث له الظلمة والوحشة وحمل الهموم , لكن إذا مسه الحزن عليه ألا يقنط من رحمة الله تعالي , و ليس عليه إلا باب التوبة الخالصة الصادقة كي تخلصه مما هو فيه , حينئذ يقبله ربه و يبدل ضيقه بالفرج و عسره باليسر , فكيف يكتئب العبد و أمامه كل هذه الأبواب ؟ ! وقد يكون من أسباب اكتئاب العبد دين أثقل عاتقه , فالعلاج هنا في السنة النبوية , أولا أن عليه عقد النية الخالصة لله علي السداد ثم الدعاء و قد أوصانا النبي الكريم صلي الله عليه و سلم بكلمات صالحات :" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل والهرم وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " أخرجه البخاري ثم بعد ذلك الأخذ بالأسباب في وضع خطة لسداد ذلك الدين , وعليه ان يعلم ان الذي سيعينه في سداد دينه هو الله تعالي , كما في الحديث الشريف " ثلاثة حق علي الله عونهم , المجاهد في سبيل الله , و المكاتب الذي يريد الأداء , و الناكح الذي يريد العفاف " , فلماذا يكتئب العبد بعد ذلك ؟! إن لقاء الله تعالي قادم لا مفر , فلا داعي لأن يضيع المرء أيام حياته في الاكتئاب اذ يكون من آثاره حرمان العبد أيضاَ كثيرا من العبادات , فهذا اليوم الذي يمر علي العبد لن يعود مرة ثانية , فلنترك الأحزان و الهموم بقوة إرادة للخلاص من قيود ذلك الاكتئاب , و ننظر لأيامنا بمرآة الأمل الصالح , والخير المأمول فيما عند الله تعالي . فاليوم إن شاء الله بالحمد و الرضا يصبح أفضل من أمس , و غداَ بشيئه الإله و حسن الظن به سبحانه سيكون أفضل من اليوم .......فعار علي المسلم أن يكون إلهه الله تعالي و نبيه محمد صلي الله عليه و سلم و دينه الإسلام ثم نراه يكتئب !
| |
|