موضوع: كيف تطرد الهموم والأحزان الأربعاء أكتوبر 20, 2010 7:15 pm
خطبة جمعة الشيخ رضا السيد شطا إمام مسجد الأمان – نيوجرزي 24/11/2006
الحمد لله رب العالمين أرسل رسوله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين كله و كفي بالله شهيدا وكفي بالله حسيبا. و نشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له .له الملك و له الحمد يحيي و يميت و هو علي كل شيء قدير.
اللهم صلي وسلم و زد و بارك علي سيدنا محمد حق قدره و مقدارة العظيم وارضي اللهم عن الأربعه الخلفاء الآئمه الحنفاء أبي بكر و عمر وعثمان و علي وعن الصحابه أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم باحسان واقتفي آثرهم بايمان و عنا معهم بفضلك و جودك و سعة رحمتك يا أرحم الراحمين . و بعد,, .
يا صاحب الهم إن الهم منفـرجُُ ----- كم من أمور شداد فــرج الله البأس يقطع أحياناً بصاحبــه ------ لا تيأسن فإن الفــــارج الله الله حسبك فيما فيه عذت بــه ------- و كيف يرهبهم من حسبـه الله إذا قضى الله فاستسلم لقدرتــه ------- ما لامرئ حيلة فيما قضـى الله سلم إلى الله فيما شاء وأرض به-------فالخير أجمع فيما يصنــع الله إذا بليت فثق بالله و أرض بـه -------- إن الذي يكشف البلوى هـو الله
قال الإمام العلامة و الفقيه الفهامة الإمام " الظاهري أبو علي محمد بن حزم" عليه الرضوان الأعلى في رسالته العظيمة الرائعة " مداواة النفوس" تطلبت غرضاً (أي بحثت عن شيء) يستوي جميع الناس في البحث عنه. فإذا جميع الناس ما يبحثون إلا عن شيء واحد. و هو طرد الهم و الغم من حياتهم جميع الناس من آدم إلى قيام الساعة إذا أردت أن تشركهم في أمر واحد تجده هو "طرد الهم و الحزن" فهناك من لا يرضى بالمال و هناك من لا يرضى بالدين من لا يبحث عن المناصب من لا تهمه الشهوات لكن جميع الناس يشتركون في هذا الأمر وهو أنهم يبحثون و يجتهدون كيف يطردون الهموم و الغموم من حياتهم. و خطبة هذا اليوم هي لستة مليار إنسان الموجودين على هذه الأرض .
فما من أحد على ظاهر الأرض سواء كان أمي أو متعلم مثقف أم جاهل حضري أم بدوي مسلم أم كافر إلا و هو يطلب طرد الهم و الغم من حياته و خطبة اليوم هي لكل مهموم و مغموم, لكل محزون و مكروب هي لمن سدت في وجهه الدروب، خطبة اليوم هي لك يا كل محتاج هي رسالة إلى كل من اصبح نهاره كالليل الدامس، خطبة اليوم هي لكل من نزلت به حادثة أو حلت به كارثة، خطبة اليوم هي دعوة من هذا المنبر، منبر المعصوم عليه الصلاة و السلام، منبر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
تعالوا اليوم لنتعلم كيف نطارد الهموم و الغموم تعالوا اليوم نطارد الأحزان معا، تعالوا اليوم نقوي ضعفنا فنحن ضعفاء قال الإمام العلامة الشيخ " ابن قيم الجوزيه" رحمه الله :" الإنسان ضعيف البنية، ضعيف الإرادة، ضعيف القوة، ضعيف العزيمة، و الآفات مع كل هذا الضعف آتية كالسيل العارم" فالآفات تجري نجوه رغم وجود كل هذا الضعف فيه و يقول:" فلا بد له من معين من حافظ, من ناصر, يقويه و يغنيه و يكفيه و ليس له من ناصر و لا معين إلا رب العالمين سبحانه و تعالى".
يا خالق الأكوان أنت المرتجى ----- وإليك وحدك ترتقي صلواتــي يا خالقي ماذا أقــول؟ وأنـ ------ ـت تعلم حاجتي و شكاتـــي يا خالقي ماذا أقــول؟ وأنـ ------ ـت مطلع على شكواتي وأناتي
أيها المسلمون نحن اليوم نريد معا أن نعرف كيف نتخلص من الحالة الحزينة التي نحن فيها؟ كيف نطارد الهموم و الأحزان؟ كيف نرضى عن الله رب العالمين سبحانه و تعالى؟ هناك ثلاثة عوامل هي لجلب الاطمئنان ولمطاردة الهموم و الأحزان.
العامل الأول: أن تجعل دائماً همك في رضا ربك سبحانه و تعالى:
كما قال عليه الصلاة و السلام: " من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله هموم دنياه و أخراه و من تشعبت به الهموم لم يبال الله به في أي أودية الدنيا هلك" ، ماذا يريد عليه الصلاة و السلام؟ يريد أن يجتث من صدورنا الأحقاد و يبعث الطمأنينة إلى صدورنا، يريد أن يجتث من صدورنا عوامل القلق و الاضطراب و يزيد المعنى وضوحاً فيقول: " تخففوا من الهموم ما استطعتم فإن من كانت الدنيا همه أفشى الله عليه ضيعته و جعل فقره بين عينيه ومن كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه و أتته الدنيا وهي راغمة و ما أقبل أحد بقلبه على الله إلا أقبل عليه بقلوب أهل السماوات و الأرض و كان الله إليه بكل خير أسرع".
أترك الهم إذا ما طرقك ------ وكل الأمور إلى من خلقك وإذا أمل قوم أحدا ---- فإلى ربك فامدد عنقك
واسمع ماذا يقول الله سبحانه و تعالى: " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا" و الله يا اخوة هو الذي قسم المعايش و هو الذي وزع الأرزاق ,هو الذي حدد الرواتب . و ما يملك أحداً من الناس لا خفضاً و لا رفعاً و لا عطاءاً و لا منعاً و ما الناس في الحقيقة إلا هباء و ما الملك إلا لصاحب العزة و الكبرياء سبحانه و تعالى .
فما كان لك فسوف يأتيك على ضعفك و ما كان لغيرك لن تناله مهما كانت عندك من قوة و مهما كان عندك من شدة. لن تقدر أن تأخذ إلا ما كتبه الله لك، و هذه نعمة التوكل على الله و ليس معنى التوكل أن تستلقي على قفاك و أن تنتظر الرزق ينزل من سقف دارك فإن السماء كما قال "عمر العبقري" :" إن السماء لا تمطر ذهبا و لا فضة" بل لابد من العمل لا بد أن تبذل جهدك و أن تبذل ما في وسعك لكي تحصل على ما تريد و إذا لم بكن ما تريد فارضى بما فعله بك الفعال لما يريد و قل يا رب أنا راضي بما فعلت بي. أنا ما يهمني إلا رضاك يا رب العالمين و لا تغتم و لا تحزن بل كما قال أحد العلماء:
و لا تك مغموم الفؤاد لواقع ----- فيوسف بعد القيد و الرق قد ملك و صبرا إذا اشتد الخناق ------ فإنما إشارة فتح الباب كانت بهيت لك و لا تقطع الآمال إن سد مأرب ----- فلا بد أن يكفيك من صاغ هيكلك
لا بد أن يكفيك، لا بد أن يؤيدك، و لا بد أن الله تعالى يعطيك، و هذا الإمام "مالك بن دينار" عليه الرضوان الأعلى يقول: " كنت يوما من الأيام جالس آكل و في لحظة و انا آكل إذا بقط جاء و خطف قطعة من اللحم و جرى قال: فتتبعته لأنظر ماذا سيفعل بقطعة اللحم هذه؟! قال: فأتى إلى جحر من الجحور ووضع قطعة اللحم أمامه و يمضغ قطعة اللحم و يفتتها قطعاً قطعاً و يطحنها و يضعها أمام الجحر قال: فأردت أن أنظر إلى الجحر ما الذي في هذا الحجر؟ أتدرون يا من اضطربنا كثيرا و نافقنا و غششنا و ذللنا أنفسنا للأقربين و الأبعدين بسبب أرزاقنا أتدرون لمن كان يضع هذا القط هذه القطع من اللحم ؟!قال: فنظرت في الجحر فإذا في الجحر ثعبان أعمى، القط و الثعبان بين القط و الثعبان من العداوة مطارق الحداد فمن الذي نزع العداوة من قلبيهما من الذي سخر القط لهذا الثعبان؟ أخ الإسلام:
لا تعجلن فليس الرزق بالعجل ------- الرزق في اللوح مكتوب مع الأجل فلو قعدنا لكان الرزق يطلبنا ------ ولكنه خلق الإنسان من عجل
هذا قط و ثعبان، القط يجيء باللحم و يمضغه و يضعه أمام الثعبان فإذا كان الله لم ينس الثعبان الذي يلدغ. أينساك أنت و أنت توحد الواحد الأحد.. " يا موسى و عزتي و جلالي ما خافني من خاف الخلق و لا آمن بي من خاف فوات الرزق" فإذا كان عندك قلق على الرزق و اضطراب فهذا دليل خذلان، دليل عدم إيمان بالله عز وجل و لهذا كان السلف يقولون :" لا تكونوا للمضمون مهتمين فتكونوا للضامن متهمين" اللهم صلى على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الرزق من الذي ضمنه ﴿ و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها﴾ فالله هو الذي ضمن، هذا الاهتمام هذا الاغتمام هو نوع من الاهتمام لمن لا يغفل و لا ينام سبحانه و تعالى
فالأمر ليس أمري و لا التدبير تدبيري ولا الأمور التي تجري بتقديري لي خالق رازق ما شاء يفعل بـــي أحاط بي علمه من قبل تصويري
فإن كنت مغموم أو مهموم أو محزون أمامك الحصن الحصين أمامك الملاذ الآمن أمامك رب العالمين سبحانه وتعالى ادخل على الله تعالى و اجزع إليه.
ولا تجزعن إذا نالتك موجعة يوماً ------ واضرع إلى الله يسرع نحوك الفرج
و هذا "اصبغ بن زيد" عليه الرضوان الأعلى قال : " بقيت أنا و أهل بيتي دون طعام حتى اشتد الجوع بأولادي فجاءتني بنتي الصغرى تقول: يا أبت الجوع !!!! قال : فخرجت من البيت فتوضأت و صليت (وانظروا إلى من كان يلجأ السلف؟ انظروا إلى من كانوا يضعون همومهم؟) وقلت يا رب اللهم ارزقني رزقا لا يكن لأحد علي فيه منه و لا لك علي فيه في الآخرة تبعة يا أرحم الراحمين . و خرج من المسجد و عاد و قال: فإذا بابنتي الكبرى تلقاني و تقول يا أبتي أخوك جاء إلينا فقال : من أخي هذا؟ قالت: جاء رجل و قال أنا عمكم و أعطانا سرة دنانير ووضع عندنا أحمال من الدقيق و معه رجل قد حمل عليه من كل خير في السوق و قال : اقرءوا أخي السلام وقولوا له إذا اشتد بك عمر فعليك بالدعاء نسرع إليك بتحقيق الرجاء قال و الله و مالي من أخ و لا أعرف من هذا و لكني أعرف الذي هوعلى كل شيء قدير. اعرف الله فإذا كان عندك هم ثق في الله سبحانه و تعالى اجعل همك أن ترضي الله عليك في هذا الذي أنت فيه.
العامل الثاني: عليك أن تعزي نفسك بالموجود عن المفقود:
أكثرنا يا اخوة بتجاهل الموجود و يعلق نفسه بالمفقود و أكثرنا لا ينتبه إلى ما هو فيه من نعم عظيمة جداً و يظل يحمل أعصابه و يحرق في قلبه من أجل أشياء غائبة عنه .
فهل قليل عليك أنك تجلس الآن في المسجد؟ قليل عليك أنك خرجت على رجليك من البيت و ركبت سيارة و جئت و أنت تتنفس الهواء الطلق؟ هذا قليل؟! إذا كنت تظن أن هذا قليل فانظر حولك ستجد أناسا يريدون أن يتحركوا هذه الحركة فما يقدرون! لأنهم حبسوا في أجسادهم بالشلل
و هناك من يريد أن يأخذ نفساً من هذا الهواء الطلق الذي نتنعم به بالمجان ولا يقدر أن يأخذ هذا الهواء و إذا أخذ شهيقاً رده زفيراً ممتلئاً بالدم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
. وهناك من يستجدي اللقمة من هذه اللقم التي تنزل عليها قضماً و هضماً لأن أجهزته الهاضمة معطوبة وعندما تكون صحيح الجسد أتحسب أن الله زودك بشيء قليل؟
اسمع ماذا قال عليه الصلاة و السلام: " من أصبح آمنا في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها " و أنت تملك الدنيا يوم أن تملك هذه الثلاثة
، جاء بعضهم يشتكي الفقر إلى بعض العلماء يشتكي الله سبحانه و تعالى " و إذا شكوت إلى بني آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم" فقال له هذا الرجل:" يا هذا أيسرك أنك أعمى وأن معك مائة ألف دينار قال: لا . قال: أيسرك أنك أخرس و معك مائة ألف دينار؟ قال: لا . و الله قال: يا هذا أيسرك أنك معدوم اليدين و الرجلين و أن معك مائتي ألف دينار؟ قال: لا و الله قال: يا هذا أيسرك أنك مجنون و معك مائة ألف دينار؟ قال: لا و الله قال: يا هذا لله عندك بضاعة بخمسمائة ألف دينار و تشتكي الله؟ !"
أكثرنا للأسف الشديد يا اخوة يتجاهل الآلاء العظيمة هذه و النعم الجسيمة هذا "ابن السماك" عليه الرضوان الأعلى كان جالساً عند الخليفة هارون الرشيد فبينما هو جالس عند الخليفة الرشيد إذ قال له الرشيد عظني و كان مع الرشيد كوب من الماء فأمسك به ابن السماك و قال: يا مولانا الخليفة بكم تشتري هذا الكأس من الماء إذا منع عنك قال الخليفة: بنصف ملكي و الله قال: يا مولانا فإذا شربته و منعت من تصريفه بكم تشتري تصريفه قال: و الله بنصف ملكي الآخر قال: أف لملك لا يساوي شربة و لا بوله!!
أرأيتم يا اخوة الذي يشتريه الملوك بملكهم و تيجانهم و سلطانهم نحن نحصل عليه بالمجان و لا ننتيه و لا نحمد الله على هذه النعم التي نخوض فيها خوضاً و إذا كنت لا تنتبه فهل عدم الانتباه هذا لا يجعل الله يحاسبنا عليها في الآخرة
اسمع ماذا قال المعصوم عليه الصلاة و السلام : " إن العبد يجيء يوم القيامة بأعمال صالحة إذا وضعت على جبل أثقلته فتقوم النعمة من نعم الله (نعمة العينين و اليدين و الرجلين) فتستنفذ هذا العمل لولا أن يتفضل الله عليكم برحمته" اللهم تفضل علينا برحمتك . فانظر إلى ما أنت فيه من نعم و عزي نفسك بهذا و إذا كان عندك ألم، هم، غم أذكر ما أنت فيه
و هذا عمر بن الخطاب العبقري الراشد رضي الله عنه و أرضاه يمر على رجل مجذوب أعمى أصم مقطع اليدين و الرجلين فقال لمن معه: أترون في هذا من نعم الله شيئا؟ قالوا: أي نعم؟ ما في نعم قال: لا .. ألا ترونه يبول فلا يعتصر فوالله إن هذه النعمة تساوي الدنيا و ما فيها،
أتحسب أن المال هو الذي سيجلب عليك السعادة و أن هذه الأموال المفقودة هي التي ستريح البال. فما قيمة المال إذا لم تشتري به لذة نفس أو نعيم يسعد به الإنسان عند الله عز و جل؟ المال بدون فائدة ترضي الله سبحانه و تعالى هو ورقا خلاباً و معذبا براقا
و اذكر مرة أنني قرأت أن رجلاً كانت له دعوتان مستجابتان إلى الله تعالى أي أن الله أخبره أن له دعوتان مستجابتان فدعا الدعوة الأولى و قال: يا رب أنا أريد ألا أضع يدي على شيء إلا و يصبح ذهباً فكان كلما لمس شيء صار من الذهب حتى كاد يجن من شدة الفرح . فجاء و عطش و رفع الماء إلى فمه فلما لمس الماء تحول إلى ذهب فما استطاع أن يشرب فجاع و اشتد به الجوع فلما جاء الطعام وضع الطعام ووضع يده عليه فأصبح ذهباً فقعد عطشان جعان مهموم مغموم فجاءت أبنته تواسيه فوضع يده عليها فأصبحت ذهباً فدعا الله بالدعوة الثانية أن يرد كل شيء على ما كان عليه و أنه علم و أيقن أن اللقمة للجوعان و شربة الماء للعطشان و البنت لأبيها أفضل من ملأ الأرض ذهباً ..
هذا و إن كانت قصة رمزية إلا أنها تدلنا على أن المال لا قيمة له في الحقيقة، لا قيمة له عند التحقيق. القيمة الحقيقية للمال أن تدخره عند الله تعالى كما قال عليه الصلاة و السلام راوياً عن الله سبحانه و تعالى " يقول ابن آدم مالي، مالي، مالي و هل لك من مال إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت" فهذا الباقي لك عند الله عز وجل.
العامل الثالث: عليك دائما أن تطارد مشاعرك:
أن تتهم نفسك حيال ما ينزل بك من مصائب نحن معاشر المسلمين لا نغتم و لا نيأس و إذا انهزمنا في معركة قلنا لا بأس إن الفرج مع الكرب و إن النصر مع الصبر " إن مع العسر يسرا" وإذا أحبطنا من شيء نقول: لا بأس من يضحك أخيراً هو الذي سيضحك كثيراً إن شاء الله نحن معاشر المسلمين أمرنا. ألا نرتكن لعواطفنا. أمرنا أن نتهم الأحاسيس التي فينا عند المصائب و هذا سر قول الله سبحانه و تعالى للرجل الذي يكره امرأته " فإن كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئاً و يجعل الله فيه خيراً كثيراً"
يقول الله سبحانه و تعالى للرجل الذي يكره امرأته من يدريك؟؟ لعل هذه المرأة هي سبب سعدك في الدنيا و الآخرة؟ لعل هذه المرأة هي التي تطببك في وقت الشدة من يدريك؟ أنت اتهم نفسك و قل في نفسك رب ضارة نافعة، صحت الأجسام بالعلل . خزائن المنن دائما تحت قناطر المحن من يدريني رب ضارة نافعة و عسى ان تكرهوا شيئاً و يجعل الله فيه خيرا كثيراً
و أنتم تعرفون يا اخوة العرب لهم أمثال عظيمة جداً و ما كانوا يقولون أبدا لإنسان مريض شفاك الله وعافاك بل كانوا يقولون إذا مرض إنسان يقولون له "عافاك الله كما عافى المقعدين".
والمقعدان اللذان تضرب بهما العرب الأمثال أحدهما كسيح والآخر أعمي وكانوا آئمه في اللصوصيه وفنون الاحتيال . وقد أرادا يوماً أن ينتقلا من بلد مثلاً مثل نيوجيرسي الي بلد آخر مثل فلوريدا ووقتها ما كان يوجد سيارات أو قطارات ولا أي شيء . ويجب أن يركبا سوياً مع قافله من قوافل التجاره ولا يملكان من المال شيئا!! فكذبا ونصبا واحتالا علي القافله وأوهموهم بأن لديهما إرثاً سيعطونهم منه جزءاً عندما يصلا الى بغيتهم ,وركبا مع القافله ولكن كما قال المعصوم عليه الصلاة والسلام " ما أسر أحد سريره الا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه " فكانا الاثنان يتحدثان سويا وعرفت القافله أنهما من النصابين . وكانت القافله تستريح في الليل وتسير بعد الفجر فقامت القافله قبل الفجر وانصرفت وتركتهما سوياً في العراء .
وانتبه الاثنان بعد ذهابهما فماذا يصنعا؟؟ هذا أعمى وذاك كسيح !! فاتفقا على أن يكونا انساناً صحيحاً , أى أن الكسيح يركب علي الاعمي ويعمل له كعيناه ويبدأ بتوجيهه يميناً ويساراً .. وهكذا. وكان الكسيح مجرماً وكان راكباً وكأنه يركب سياره مكشوفه ! فكان اذا أراد أن يستنشق الهواء قال للأعمي اطلع أو أنزل حتي قال له الأعمى لقد تعبت ألا يوجد مكان حتى نستريح؟ فقال له نعم هناك مكان بعيد شجرة تعال نجلس تحتها ومضيا سوياً الى الشجره
وأبصر الكسيح طيراً على الشجره فضربه وقتله وأنزل الطير وبطريقه بدائيه أوقد ناراً ووضع الطير في النار حتي طاب وبدأ يأكل منه. علماً بأن الأعمي هو الذي يحمله وكانت طاقته قد نفذت فقال له يا اخي : ارحمني وغثني وأعطني قطعه من الطير؟ ولكن الكسيح اراد أن ينفرد بالطير بمفرده فأبصر قريباً, ووجد ثعباناً ضخماً ميتاً فآتي به ووضعه في النار وشواه ومد يده بالثعبان وأعطاه للأعمي !! فأخذ الأعمي الثعبان ووضعه علي فمه وما ان وضعه علي فمه وقضم منه قضمه والثانيه إلا ويأذن الله تعالى أن يكون سم هذا الثعبان هو علاجاً لهذا النوع من العمى المصاب به الرجل .
وأبصر الرجل الشجر والجبال ونظر في يده فوجد الثعبان فقال للكسيح ما هذا؟ فقال له: احمد الله فقد جعل الله شفاك على يدي فقال الرجل: لقد كنت تريد ان تقتلني!! والله لن أعتقك ولأحرقنك بهذه النار وأخذه وحمله ووضعه في النار وضعاً قال العلماء : فلما وضعه في النار يأذن الله تعالي بأن هذه النار تفك الكساح عند هذا الكسيح فيخرج منها ويجري . فالكسيح جرى والأعمى رد اليه بصره ولحقا بالقافله!! وقالت العرب " عافاك الله كما عافي المقعدين " فمن يدريك ؟ لعل ما أنت فيه من ضيق هو سبب الي خير كثير !!
وفد قرأت في تفسير الرازي قولاً مره
رب أمراً تنتقيه ---------- جر أمراً ترتجيه خفي المحبوب منه ---------- وبدا المكروه فيه
المحبوب خفى عنه! فاتهم نفسك واتهم مشاعرك حتي لاتقتل نفسك. حتى لاتصيب نفسك بالغموم والهموم والأحزان وهذه هي عوامل الإطمئنان وطرد الهموم والأحزان . سألت الله العظيم رب العرش الكريم ألا يرني الفجيعة فيكم وأن يجعل نهايتكم خيرا من بدايتكم و أن يوفقنا جميعا للبر و التقوى و أن يبلغنا ما يرضيه عنا ،
اللهم لا تفرقنا من هذا المكان إلا بذنب مغفور و دعاء مقبول و بعمل متقبل مبرور. اللهم يارب العالمين بارك لنا في أولادنا وبارك لنا من أولادنا وبارك لنا بأولادنا وبارك لنا على أولادنا. وسخر اللهم أولادنا لطاعتك كما سخرت البحر لموسى وألن اللهم قلوب أولادنا كما ألنت الحديد لداوود سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت . نستغفرك ونتوب البك .
﴿بسم الله الرحمن الرحيم والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾