ماتت و هى تعلم أني كنت أحيا بدعائها . . وأتلمس خطواتي على ضوء رقة كلماتها التي كانت تخفق بحنانها مسامع قلبي قبلما تطرق مني الآذان!!
أتذكرها عندما يحزبنى أمر ... أتذكر كلماتها ...كانت تقول "تبات نار تصبح رماد ... لها رب يدبرها" ... أى لا تحمل الهم... الله سيحلها ..... و عندما أشكى إليها كثرة المطلوب منى أن أعمله كانت تقول لى "لا تقل على أن أفعل بل قل على الله" .....كانت تقول لى "المركب اللى فيها لله لا تغرق".... و كانت تقول ... و تقول ...
كلماتها لا تفارقنى .................."اعمل الخير و ارميه البحر" ......
ماتت وقد جمعت عليَّ غربتين . . غربتي عنها سعيا فى طلب الرزق. . وغربتها الآن عني في لحود القبور والنسيان!!
ماتت ولم تنس في لحظات فراقها الأخير أن تدعو لى و لأولادى و توصينى عليهم...حينما اتصلت عليها بالهاتف فكانت آخر كلماتها .....
لقد تركتني يتيماً بفراقها .....
فإليك أمي . .
لقد فارقتي الأحبة بجسدك . . غير أن طيف حنانك الذي لم يفارقني طوال عمرى لا يزال يلوح في أفقي فلا تحرميني منه برحيلك ؛ حيث لم يبق لي في غربتي سواه!!
أمــــاه . .
والله لولا أنه قدر الله وقضائه؛ لسألت الله أن يجعلني فداك .. فأنت مهجة القلب وبهجة الحياة وبلسم الفؤاد .. فلا بأس عليك أبداً من لقاء من هو أرحم بك من الوالدة بولدها . . ولا بأس عليك من سكرات الموت وقد كانت شهادة التوحيد آخر ما تردد به لسانك . . ولا بأس عليك بإذن الله من ظلمة القبر وقد شهد لك البعيد قبل القريب بحب الناس الذي هو بإذن الله علامة على حب الله لك.
ربــــاه . .
قد استودعتك مهجة النفس أمانة عندك . . فأحسن اللهم منقلبها إليك . . واجعل من الجنة مثواها لديك . . وأحسن عاقبتها بين يديك . . وارحم مفجوعاً بها قد سلم أمره إليك . . يدعوك ويتذلل إليك بأن تجمع بينها وبينه في مستقر رحمتك من غير سابقة عذاب ولا مناقشة حساب . .
فلقد كانت كل شيء في حياتي، بل هي شمس حياتي . .
فرحماك ربي . . قد غربت شمسي
اللهم ارحم امي و ابي و اغفر لهما و اسكنهما فسيح جنانك و اجمعني بهما في الجنة..... ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا